قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إنها حصلت على رسالة لأم معتقل سياسي بسجن الوادي الجديد، تصف فيها معاناتها في تحمّل مشقة السفر لمسافات طويلة من أجل زيارة ابنها الشاب، متمنيةً أن يتم ترحيله إلى سجن قريب من محل إقامتهم بدلاً من السجن، الذي يبعد مئات الكيلومترات، وتستغرق الرحلة إليه مشقة وأموالًا وطاقة لا طاقة لها بها.

 

ونشرت الشبكة المصرية فيديو قصير لطريق الموت وهو الطريق الوحيد المؤدي الى سجن الوادى والذي يضطر الأهالي إلى قطع مسافة قد تصل إلى 4 ساعات من الرعب والخوف فى واحد من أسوء الطرق حيث تتكرر فيه حوادث الطرق والوفيات، ومات فيه منذ أشهر مدير الأمن الجديد بالوادي الجديد.
 

المعاناة تبدأ قبل شهر من الزيارة 

 

وتقول الأم، التي تعبّر عمّا يعانيه المئات من أهالي المعتقلين بسجن الوادي الجديد: "تبدأ المعاناة قبل الزيارة بشهر! لتحديد موعد الزيارة مع سيارة وتجميع العدد، رغم أن الزيارة كل شهرين لبُعد المسافة وكثرة التكاليف، إلا أنه يتم تأجيل الزيارة مرتين أو ثلاثًا حتى يكتمل العدد".

 

وأضافت: "بعد تحديد الزيارة نبدأ في تحضيرها قبلها بأسبوع. نبدأ نجيب حاجة حاجة ونطبخ ونجمّد بقدر الإمكان، على أمل إن كل حاجة تدخل على خير في الآخر، وبيكون نفسنا نجيب مليون حاجة، رغم قلة التكاليف، بس هي أصلًا مش بتدخل".

 

وتابعت: "ومع مصاريف البيت وتكاليف الحياة، إلا إننا بنمنع نفسنا عشان على الأقل يروح أكل كويس يقعد معاه أطول فترة ممكنة، وده برضه مش بيحصل".

 

وأوضحت: "بعد ما نحضّر الزيارة، قبلها بيومين بنفضل نأكد على العربية وإننا حاجزين مكان، وللأسف عشان مفيش عربيات بتطلع من المحافظة عندنا، بنضطر نروح مع عربية (نتحفظ على الاسم). إمّا نطلع على الصحراوي نستناهم في طريق مقطوع، أو نروح لمدينة (....) نفسها قبل الميعاد بساعة أو ساعتين".

 

وواصلت: "بنركب مواصلات ونطلع بالزيارة من محافظتى إلى للفيوم، ونركب مع العربية من هناك. وعشان نكون هناك 6 الصبح، بنتحرّك من الساعة 9 بعد العشاء عشان يدوب نلحق، وساعات نتحرك قبلها كمان".

 

معاناة وخوف أثناء السفر 

 

وشرحت المعاناة والخوف الذي يسيطر عليهم طوال الرحلة، قائلة: "وطول الطريق إيدينا على قلوبنا، سواء عشان الطريق، أو شايلين همّ الزيارة وإيه هيدخل وإيه هيرجع، أو شايلين همّ البيت اللي سايبينه ورانا والمسؤوليات. طريق موحش.. طويل.. صحراء مفيش فيها عمود نور واحد!".

 

وأضافت: "ولما نوصل، نسجّل أسماءنا ونفضل ننتظر بالساعات، وبرضه مفيش حد بيرحم. ننتظر زيارات الجنائي لما تخلص، وإنت ونصيبك: يا تخلص بدري وندخل على 11، أو تطوّل وندخل 2 أو 3!،  الوقت بياكل فينا حرفيًا، وإحنا معظمنا أمهات مرضى، تعبنا وكبرنا في السن ومبقيناش نتحمل البهدلة دي كلها".

 

ومضت في وصف المعاناة التي تتكبدها الأسر خلال الزيارات: "وحتى الزوجات اللي معاهم أطفال بيتبهدلوا بيهم آخر بهدلة. وبعد ما ندخل ونتعامل مع أسوأ بشر ممكن حد يتعامل معاهم، مفيش تفاهم. الأكل يتبهدل، معندوش مشكلة يحط الفراخ مكان السمك مثلًا، كله على بعضه، والأكياس تتقطع، وحتى العسل اللي مفروض شايفه قدامه يفتحه ويشرب منه عشان مش ضامن فيه إيه، ويرجع زي ما يرجع، محدش بيراجع وراه".

 

45 دقيقة مدة الزيارة

 

واستطردت والدة المعتقل في سرد التفاصيل: "مش بنلحق نبكي على إيه ولا إيه، ومش بيرحموا كِبر سنّنا ولا بهدلتنا في شيل الزيارات ولا السفر. يدوب نقعد معاهم، كتر خيرهم سمحوا بساعة إلا ربع حاليًا بعد الإضراب. قبل كده كانت 20 دقيقة، ولو أكرمونا 30 دقيقة.  مش بلحق أطمن على ابني ولا أعرف ماله، خاسس ليه، ولا إيه تعبه، ولا محتاج علاج إيه، عشان مفيش كشف ولا مستشفى".

 

وأردفت: "كفاية إنه يقول: يا أمي، إحنا هنا في منفى. بطلع من عنده مكسورة الخاطر، والبال مشغول. ونرجع نكابد مشقة السفر تاني في رجوعنا، وهم على أمل يطمنونا إننا وصلنا بخير. بس فين؟ مفيش أمل يطمنوا إلا الزيارة اللي بعدها.  بقالنا سنين على الحال ده. فهل ممكن حد يرحمنا من عذاب الوادي الجديد؟".

 

جدير بالذكر أن العشرات من المعتقلين قد دخلوا في إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع، من أجل مطلب واحد فقط، وهو ترحيلهم إلى سجون قريبة من محل إقامتهم رحمةً بذويهم، وكانوا قد أنهوا الإضراب بعد وعد من إدارة السجن بتلبية هذا المطلب العادل.

 

وأكدت الشبكة المصرية أنها تتضامن مع والدة المعتقل، معتبرة أن سياسة العقاب الجماعي، التي تشمل أسر المعتقلين من أمهات وزوجات وأطفال، تتنافى مع المعايير الإنسانية والحقوقية.

 

كما تؤكد على حق المعتقل في زيارة دورية للاطمئنان على أوضاع أسرته، فلا يجوز معاقبته ومعاقبة أسرته، فالعقوبة شخصية له فقط، ولا يجوز التعنّت مع أسر المعتقلين.